قلقٌ وتحذيرٌ من نشوبِ حربٍ عالمية ثالثة
قلقٌ وتحذيرٌ من نشوبِ حربٍ عالمية ثالثة
قلقٌ وتحذيرٌ من نشوبِ حربٍ عالمية ثالثة
علينا أن نحصر قصارى طاقتنا في الأعمال الصالحة فقط، وأن لا نتشتت.. للإنسان طاقة محدودة، وله طاقة استيعابية ذهنية محدودة، وطاقة فكرية وعقلية ومنطقية محدودة.. إذا تشتت أبطأ عما يهمه، وربما لا يستطيع فعله.
فعلينا أن لا نكترث: أتوجهَ الناسُ إلينا أم لا، أَقدّرونا وبجّلونا أم لا..
علينا أن نكون ماء في الصحارى القاحلة إن استطعنا..
وأن ننهمر كالأنهار.. وإن رآها الآخرون سمًّا وتجنبوا شربها..
وعلينا أن نكون ترابًا تدوسه الأقدام.. ترابًا خصبًا يُنبت الورود..
وإن رآه البعض غير مُنبِت ولم يزرعه.. فلا يهمّنا..
علينا أن نَبْذر فيه البذور.. ولا يعنينا عدم استصلاح الآخرين لها..
علينا أن نكون سحابًا يظلِّل الناس..
ونكون قطراتِ رحمةٍ فننزلَ على رؤوسهم..
ولا يهمنَّنا استفادتهم منها أو عدمها.. فلا نتعلق به ولا يشغلنّ ذهننا..
علينا أن نتكلم بأشد الكلمات تأثيرًا..
ولا نهتمّ بإصغاء الناس إليها أو عدم إصغائهم، أو تغافلهم عنها..
علينا أن نجتهد دائمًا لإسماعهم نغماتٍ مؤثرةً حارقة..
علينا أن نأخذ أقلامنا فننطلق بكتاباتٍ الإخلاصُ لونُها ونسيجُها، والإخلاصُ أسلوبُها ولهجتُها..
وأرضيّتُها الرضا الإلهي… ولا نشغل بالنا بتوجه الناس إليها أو عدم توجههم..
ستتبناها الأجيال المنصفة، إن لم يكن اليوم فغدًا..
علينا أن نكون ترابًا تحت الأقدام..
ولا نهتمَّ بتقدير الناس لهذا أو عدم تقديرهم..
علينا أن نزرع.. ودَعوا الناس يقولون: “نحن فعلنا هذا.”
علينا أن نشكّل سُدودًا يسقي الناس منها أراضيهم..
واتركوا الناس يقولون: “هذه بُنيت باسمنا.”
كل هذه ليست أمورًا مهمة..
إن المهم فِعلُ ما يجب فعله لأجل الإنسانية…
– يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَيْءٍ قَتَلَ، وَلَا يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ.»
– سيبُتلى الناس في أموالهم وأنفسهم، ولا يكون لهذا أي منطقية وأي عقلانية.
– إنا أهملنا هذه الأجيال، فهم نتاج إهمالنا.
– إنا ظلمنا أنفسنا، لذا علينا أن نحاسب أنفسنا كي نتخلص من محاسبة أكبر.. إن لم نواجه أنفسنا ونحاسبها الآن، تعرضنا لمحاسبة تثقل كاهلنا.. وعلينا مراجعة نظامنا التربوي.
– بدأ الفساد من التربة.. حيث فقدَت قوَّتها الإنباتية.. وتجري كل الأحداث على غير ما نريد.. فيتسبب كل هذا في وقوع حوادث سلبية وفي ظهور جيل فاسد.. ولن تزال هذه المشاكل باقية حتى نُصلح هذه الأمور.. وبتعبير آخر: حتى نرى حلّ المشاكل في الإنسان…
– يقول القرآن الكريم: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾
– لم ننظر إلى أنفسنا ولم نراجع هل نحن على الصراط المستقيم.. فنشأت أجيال شاردة لا يميزون الصواب من الخطأ…
– هناك شيئان لكم أن تبدؤوهما متى شئتم، وليس بوسعكم إيقافهما حينما شئتم: الحريق والحرب…
– علينا التصرف بعقلانية.. علينا الاهتمام البالغ حتى بالسلبيات البسيطة.. إن تعرضتم لِغَزو نمل لا تستخفوا به!. لأن هناك غزوًا..
– إن استخفاف السلبيات ينبع من خفة العقل والمنطق والمحاكمة.. ومن الأهمية بمكان رؤية الأشياء كما هي.
– لنا ألّا نعبأ بظلم تم ضد أشخاصنا.. لكن ليس لنا حق في خيانة أمانة هي حق العامة –أو قل حق الله-..
إن علينا أن نحفظ هذه الأمانة التي نحملها –أيًّا كانت درجة تحملّنا لها- حتى نسلّمها إلى الأجيال الأمينة القادمة
كما نحفظ روحنا وشرفنا وعزتنا.
أَخطَرُ الخسوف والكسوف، هو الذي يقع بين قلب الإنسان وبين ربه.
له أسباب كثيرة،
إنّ كلّ ما ذكره الإمام الغزالي تحت عنوان “المُهلِكات” في الإحياء وسيلةٌ من وسائل الخسوف والكسوف.
أمّا كلّ ما ذكره تحت عنوان “المُنجيات” فهو وسيلةٌ من وسائل الانجلاء.
القوة قد تُعمي الإنسانَ، والقدرة تُعميه.. وادعاء العلم يُعميه والسلطة تُعميه..
ويُعمي الإنسانَ كذلك أن يطيعه حشودٌ من الناس ويتبعوه دون وعي ولا شعور، وأن يصفقوا له.. وأن يقولوا: “الكلُّ يفتخر بك!” فيصير لا يرى حتى ما هو أَوضحُ وأَبْيَنُ.
المعايير معلومة: أوامر القرآن الكريم والسنة الصحيحة.. وما خلّفه السلف الصالح بتمثيلهم المستقيم الخالص الصافي النقي.. واجتهاداتُهم وفقًا لزمانهم.. وإجماعاتُهم.. واستحساناتُهم.. واستصلاحاتُهم بمصالح مقبولة ومصالح مرسلة… فكأنهم لم يتركوا نقطة مظلمة قط في هذا الطريق؛ لو مرّ الإنسان بظلام في الطريق فهذا يعني أنه هو الذي يُحدث ذلك الظلام.
ووظيفتُنا أن نعتني بأنفسنا امتثالًا لقول الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 105/5)
يقول الشاعر:
“آثار فيض كل إنسان مرهونة باستعداده.. تأخذ الأفعى من سحاب الربيع سمًّا، والصدفُ دُرًّا.”
يستحسن أن ندعو بهذا الدعاء:
“اللهم مُنَّ علينا باستعدادات عالية، وببركتك وفيضك وفضلك مُنَّ على استعداداتنا بانكشافات جديدة.”
يقول الأستاذ بديع الزمان: “نظرةٌ من النبي تقلب الأعرابي الجاهل في الحال عارفاً بالله منوَّراً.. وإن سألت مثالًا، فخير مثال عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الإسلام وبعده.”
السكون سببٌ مهمّ للسقوط، علينا أن نتحرك ونرتقي دائمًا.. إلى الأعلى ثم الأعلى! إن لم يبق في الأرض عمل نعمله، علينا أن نبحث عن طرق توصلنا إلى النجوم، وأن نفتش عن سبُل نَقْل أصواتنا إليها، وأن نتساءل في أنفسنا أن: كيف بنا أن نحمل رسالتنا إليها؟
يقول الأستاذ بديع الزمان:
“لا بد للواعظ الموثوق به أن يكون حكيمًا مدقِّقًا حتى لا يخل بموازين الشريعة”.
هذه النفحة توضّح “موزاين الشريعة” بمثال.
إن أبواب السماء لا تُفتح أبدًا لمن يردّد دائمًا: “أنا”.
علينا أن يَسبق عملُنا كلامَنا.
افعل ما يجب عليك فعله.. وألقِ البذرة في التراب.. ولا تشغل بالك بمن يهتمّ بها بعد ذلك ومن يحصدها…
يُروى في الأثر: “من عرف نفسه فقد عرف ربه”
ويُحكى أن الله تعالى قال لداود عليه السلام: “من عرفني أرادني وطلبني، ومن طلبني وجدني، ومن وجدني لم يختر عليّ حبيبًا سواي”.
“ليس العارف من ترك الدنيا وما فيها، إنما العارف من لا يعرف الدنيا وما فيها”.
إن كنتَ تحب المولى أفلا يحبّك؟
وإن كنت تبتغي رضاه أفلا يرضى عنك؟
وإن كنت تهرول إليه أفلا يجيبك؟
يقول البوصيري في قصيدته المعروفة “قصيدة البردة” في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم:
هو الحبيب الذي تُرجى شفاعته لكل هول من الأهوال مقتحم
ويقول أيضًا:
لو ناسبتْ قدْرَه آياتُه عِظَمًا أحيا اسمُه حين يُدعى دارسَ الرِّمَم
ويقول أيضًا:
يا نفسُ لا تقنطي من زلّة عظُمتْ إنّ الكبائر في الغفران كاللَّمَم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين…
قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ [سُورَةُ الْمُزَّمِّلِ : 1/73-8]
وقال تعالى:
﴿أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [سُورَةُ الإِسْرَاءِ : 78/17-79]
وقال تعالى:
﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [سُورَةُ السَّجْدَةِ : 15/32-16]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه:
“مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ.”
من حوار أجراه الأستاذ أشرف أديب مع الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي:
يقول الأستاذ أشرف أديب:
سألته إن كان تعباً من سفر إسطنبول، فقال:
“- إنه لا يقلقني سوى المخاطر المحدقة بالإسلام. إذ كانت المخاطر سابقاً تأتي من الخارج وكانت مقاومتها يسيرة، أما الآن فإنها تأتي من الداخل حيث دبت الديدان في الجسد وانتشرت فيه فتعسرت المقاومة. إن أخشى ما أخشاه ألاّ تتحمل بِنْية المجتمع هذا الداء الوبيل، لأنه لا يشتبـه بالعدو. إذ يظن من يقطع شريانه ويمص دمه صديقاً. ومتى عميت بصيرة المجتمع إلى هذا الحد فقلعة الإيمان إذًا في خطر داهم. لذا لا قلق لي إلاّ هذا ولا أضطرب إلاّ من هذا. بل ليس عندي زمن أضيّعه في التفكير في التعب والمشاق التي أتعرض لها بنفسي. وليتني أتعرض لألف ضعف من شقائي ويسلم مستقبل قلعة الإيمان.”
قلت: ألا يمدّكم مئات الألوف من طلابكم بأمل وسلوى للمستقبل؟
“- بلى، لم ينقطع رجائي وأملي تماماً.. العالم يمر بأزمة خانقة وقلق معنوي عظيم. فالمرض الذي دب في جسم المجتمع الغربي وزعزع دعائمه المعنوية كأنه وباء طاعون وبيل. فما الحلول التي يجابه بها مجتمع الإسلام هذا المرض المعدي الرهيب؟ هل بوصفات الغرب النتنة المتفسخة الباطلة؟ أم بأسس الإيمان الحيوية لمجتمع قلعة الإسلام؟ إنني أرى الرؤوس الكبيرة سادرة في الغفلة. فقلعة الإيمان لا تسند بأعمدة الكفر النخرة، ولهذا أبذل كل جهدي وسعيي في الإيمان وحده.. لذا ركزت جهدي كله من أجل الإيمان فقط.
إنهم لا يفهمون رسائل النور، أو لا يريدون فهمها. يظنونني شيخ مدرسة جامداً في الأمور الدنيوية المادية. لقد اشتغلت بالعلوم الصرفة والعلوم والفلسفات المعاصرة كلها، وحللت أعقد مسائـلها، بل صنفت فيها مصنفات. لكني لا أعتـرف بالعاب المنطق ولا أصيخ سمعاً لحيل الفلسفة، بل أترنم بجوهر حياة المجتمع، وبوجوده المعنوي وبوجدانه وإيمانه. فقد حصرت اشتغالي في أساس التوحيد والإيمان الذي أسّسه القرآن، ألا وإن العمود الرئيس لمجتمع الإسلام هو هذا، فإذا تزلزل يضيع المجتمع.
يقولون: لماذا تجرح فلاناً وعلاناً؟ لا أدري، لم أشعر ولم أتبين مما أرى أمامي من حريق هائل يتصاعد لهيبه إلى الأعالي يحرق أبنائي ويضرم إيماني، وإذ أنا أسعى لإخماده وإنقاذ ايماني، يحاول أحدهم إعاقتي، فتـزل قدمي مصطدمةً به. فليس لهذه الحادثة الجزئية أهمية تُذكر أمام ضراوة النار؟ يا لها من عقول صغيرة ونظرات قاصرة!
أيظنونني رجلاً مهموماً بحاله يبغي إنقاذ نفسه؟ لقد افتديت دنياي وآخرتي في سبيل إنقاذ ايمان المجتمع. لم أذُق طوال عمري البالغ نيفاً وثمانين سنة شيئاً من لذائذ الدنيا. قضيت حياتي في ميادين الحرب، وزنزانات الأسر، أو سجون الوطن ومحاكم البلاد. لم يبق صنف من الآلام والمصاعب لم أتجرعه. عوملت معاملة المجرمين في المحاكم العسكرية العرفية، ونُفيت وغُربت في أرجاء البلاد كالمشردين. وحُرمت من مخالطة الناس شهوراً في زنزانات البلاد. وسُمّمت مراراً. وتعرضت لإهانات متـنوعة. ومرت عليّ أوقات رجّحت الموت على الحياة ألف ضعف. ولولا أن ديني يمنعني من قتل نفسي، فربما كان سعيد تراباً تحت التراب.
أنا لا أطيق ذلاً ولا إهانة بفطرتي وجبلتي. العزة والشهامة الإسلامية تمنعني بشدة من هذه الأحوال. فإذا تعرضتُ إلى مثل هذا الحال، لا أطأطئ رأسي مهما كان الذي يواجهني، سواءٌ أكان جبـاراً أشد الناس ظلماً أو قائداً عدواً سفّاحاً للدماء، بل أُلقي بظلمه ودمويته على وجهه، ولا أبالي إن رماني في غياهب السجن أو قادني إلى منصة الإعدام. وهذا ما وقع، وما جرى علي فعلاً. ولو صبر قلب ذلك القائد الدموي ووجدانه على الظلم دقائق أخرى لكان سعيد قد شنق والتحق بزمرة الأبرياء المظلومين.
هكذا انقضت حياتي كلها في نصب ومشقة، ونكبة ومصيبة. لقد افتديت نفسي ودنياي في سبيل إيمان المجتمع وسعادته وسلامته. فهنيئاً وحلالاً طيباً. حتى في دعواتي لا أدعو الله عليهم. فبهذه الأحوال صارت رسائل النور وسيلة لإنقاذ إيـمان مئات الألوف في الأقل، ربما الملايين – هكذا يقولون- فأنا أجهل عددهم، المدعي العام ذكر أنهم خمسمائة ألف أو يزيدون. بالموت كنتُ أنجو وحدي، لكن ببقائي في الحياة وصبري على الصعاب والمشقات خدمتُ في إنقاذ الإيمان بقدر هذه الأنفس. فالحمد لله ألف مرة.
لقد ضحيت حتى بآخرتي في سبيل تحقيق سلامة إيمان المجتمع، فليس في قلبي رغب في الجنة ولا رهب من جهنم، فليكن سعيد بل ألف سعبد قرباناً ليس في سبيل إيمان المجتمع التركي البالغ عشرين مليونًا فقط، بل في سبيل إيمان المجتمع الإسلامي البالغ مئات الملايين. ولئن ظل قرآننا دون جماعة تحمل رايته على سطح الأرض فلا أرغب حتى في الجنة إذ ستكون هي أيضاً سجناً لي، وإن رأيتُ إيمان أمتنا في خير وسلام فإنني أرضى أن أُحرق في لهيب جهنم إذ بينما يحترق جسدي يرفل قلبي في سعادة وسرور.”
هذا هو الهمّ الذي ننشده…
كان الأستاذ يلقي دروسه في مكان منخفض يحول بعضُ الحاضرين فيه بينه وبين الكاميرا، فيشكل مشكلة للتسجيل؛ لذا طلبْنا منصّة لحلّ هذه المشكلة، وعندما جيء بها أقمناها.
اتجه الأستاذ بعد صلاة العصر -كعادته كل يوم- إلى الجهة التي يدرّس فيها، وقبل أن يصعد المنصة عبّر عن انزعاجه منها، وجلس على الكرسي الجديد كرهًا ثم أعرب عن مشاعره.
لا ندري –نحن المعاتَبين- أصحيحٌ نشرُ مثل هذا العتاب أم لا، لكن نرى فيه من الفائدة إذ ربما يعتبر به ذوو الشعور المرهف…
يا من حظيتم بشرف الهجرة،
إن هذه النفحة قيِّمة عند من يقدرها قدرها، وهي لكم قبل أي أحد.. فهنيئًا لكم…