مهمَّةُ الإرشاد، واللينُ في المعاملة

مهمَّةُ الإرشاد، واللينُ في المعاملة
Mp3 indir

Mp4 indir

HD indir

Share

Paylaş

تحميل mp3
Share

يشارك

سؤال: ما العلاقةُ بين مهمّة الإرشاد واللين في المعاملة في ضوء قول الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 159/39)؟

الجواب: نزلت هذه الآية الكريمة بمناسبة معركة أحد، وكما هو معلوم؛ فقد تعرض المسلمون لهزيمة مؤقتة في هذه المعركة، إلا أنَّ تلك الهزيمة النسبية الجزئية التي حدثت تتوّجت في نهاية المطاف بالنصر[1].

ولْنُورِد بدايةً شرحًا موجزًا لمعنى تلك الآية الكريمة؛ حيث استُهلّت بقوله تعالى “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ“، وإذا كان حرف الجر “الباء” الوارد في لفظ “فَبِمَا” يفيد المصاحبة يكون المعنى: “لقد لنتَ لهم وعاملتَهم برفقٍ بفضل رحمة الله وعنايته ورعايته وكلاءته”؛ فبيّن الله تعالى هنا أوّلًا أنَّ النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم محفوفٌ بعنايةٍ ورعايةٍ إلهيّةٍ خاصّةٍ، فدفعَ من الأذهان منذ البداية احتماليّةَ أن يكون صلى الله عليه وسلم قد وقعَ في أيِّ تقصيرٍ.

ومن المفيدِ هنا استحضارُ مخاطبةِ الحقّ تعالى لكلٍّ من: سيدنا موسى وسيدنا هارون عليهما السلام بشأن الإرشاد، كي يتسنى فهم وإدراك الوضع والميزة السامية لرسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع؛ فبينما أمَرَ الله سبحانه وتعالى باللينِ سيدَنا موسى وهارون عليهما السلام إذ أرسلهما إلى فرعون قائلًا: ﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ (سُورَةُ طَهَ: 44/20)؛ ذكَّرَ بقوله “لِنْتَ لَهُمْ” أنَّ مفخرة الإنسانية صلى الله عليه وسلم على خُلقٍ سامٍ كهذا أصلًا.

وبعد أنْ أفصح الله جل جلاله عما يتحلَّى به سلطانُ الأنبياء صلى الله عليه وسلم من خُلق قرآنيٍّ قال: “وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ“؛ فلفت بذلك الانتباه إلى صنوف الجمال والحسن التي أدت إليها أخلاقه الرفيعة السامية صلى الله عليه وسلم، ثم أمره أمرًا إثر آخر بألّا يترك العفوَ عنهم والاستغفارَ لهم ومشاورتَهم في الأمر فقال تعالى: “فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ“.

إكسيرٌ حَوَّلَ الهزيمة إلى نصرٍ

عقد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم مع أصحابه مجلِسًا للشورى قبل الخروجِ إلى معركة أُحد، وقد أخذَ برأيهم إيمانًا منه بضرورة ترسيخ مبدإ الشورى عند الجميع، غير أنهم تعرضوا لهزيمة مؤقتة كبَّدتهم خسائر فادحة، ودفعًا لما قد يقعُ في نفسِ الرسول صلى الله عليه وسلم من انكسارٍ وحزن تجاه أصحابه وجَّهَ الله تعالى نبيَّهُ إلى التحلِّي بأخلاقِ الصفح والعفو والمسامحة، وأن يتوجَّه إلى الله بالاستغفار لهم، وألا يستنكفَ عن مشاورتهم مجدَّدًا.

وبينما كان المشركون قافلين في طريق عودتهم إلى مكة متبخترين مَزْهُوّين بالنصر جَمعَ رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه، وعرض عليهم تعقُّبَ المشركين، فنزلوا هم أيضًا على هذا الرأي الذي رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلَّفْ عنه أحدٌ ممن شارك في موقعة أُحُدٍ… وبإمعانِ النظرِ في هذا المشهد وتأمُّلِ ما فيه يتسنّى لنا أن نُدرِكَ مدى تأثيرِ المشورةِ في الوصول إلى نتيجةٍ طيبةٍ؛ لأنَّ سادتنا الصحابةَ الكرام رأوا كيف أنَّ إصرارهم -وإن كان بسيطًا- على رأيهم في المشورة التي أجراها رسول الله معهم قبل أُحدٍ تسبَّبَ في وقوع مصيبة بهم؛ وعليه فإنَّ جميعَ من حضرَ أُحُدًا من الصحابة بمن فيهم الجرحى الذين لا يقوَوْنَ على المشي جاؤوا وقد حُمِلَ بعضهم على الأكتافِ، وطاردوا المشركين حتى موقع حمراء الأسد، فما لبثوا أن تحوَّلوا من وضعيّة المنهزم إلى وضعيّة المنتصر.

وهذا يعني أنه ينبغي لنا ألا نتخلَّى عن أسلوب اللِّين حالًا وقالًا إنْ كنَّا نريد أن نصبح مركزَ جذبٍ في نظرِ المخاطبين؛ لأن الفظاظة والغِلظة في التعامل والتصرُّف مع الناس تجعلهم ينفضُّون من حولنا وينفرون منّا كما بيَّنَت تلك الآية الكريمة.

أما القسوة والغلظة فتتعدَّدُ أنواعُها وتتباين؛ فكما أنَّ تفوُّهَ خَطيبٍ بكلماتٍ بذيئةٍ ووقحةٍ، ومخاطبتَه الناس بقسوة وشدة، وإفراطَه في رفع صوته تعبيرٌ عن الغلظة؛ فإنَّ انتقادَ الناس انتقادًا موجعًا أو التولي والإعراض عن أحدهم نموذجٌ آخر من نماذج القسوة والغلظة، وكلّها سلوكيات وتصرفات تُنفِّرُ الناسَ وتُبعدهم عمَّن يُخَاطِبُهم.

إن الأخلاق الإلهية لهي الأساس في هذا الصدد، والأنبياء العظام هم مَنْ يمثلونها، فما دام الحق سبحانه وتعالى يأمرُ سيدنا موسى وسيدنا هارون عليهما السلام باتباع اللين والرفق حتى عندما يخاطبان فرعون الذي يدعي الربوبية، ويُثني على سيدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ويَمدَحه بسبب تصرفه اللَّيِّنِ وبيانِهِ الرقيقِ؛ فذلك يعني أنَّ هذا هو المبدأ الإلهي الأساسُ الواجب اتباعه في كل زمان ومكان، وعليه فإن المؤمنين مطالَبون بأن يعاملوا الناس من حولهم بلينٍ ورفقٍ مهما يلاقون منهم.

حدُّ اللين عدمُ التفريط في حقوق الله

ومع هذا فإنَّ اتخاذ موقفٍ ضدَّ المتمرِّدين العصاة الذين لا ينتصحون، بل يُصِرّون على تكرار الخطإ والتقصير دائمًا دون خجل ولا استحياء منهم هو تعبيرٌ عن إعلاء حقِّ الله وتعظيمه، وزيادةً في الإيضاح نقول: ينبغي علينا تجاه أولئك الذين يتكسَّبون دون مراعاة للحلالِ ولا للحرامِ ويعيشون حياة إباحيّة مضرّةً لهم ولغيرهم؛ أنْ نُحذِّرَهم بأسلوبٍ لَيِّنٍ وهَادِئٍ، فإن لم يتعَقّلوا وينتهوا عما يفعلون وجب اتِّخاذُ موقفٍ واضح تجاههم، وكما هو معروف فإنَّ قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (سُورَةُ التَّوْبِةِ: 118/9) نزل في الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك؛ فثمة امتحانٌ في هذا، والحقيقة أنَّ رحى الحرب لم تَدُرْ في غزوة تبوك رحمةً من الله تعالى، ولو أنها دارت لكان هؤلاء الثلاثة قد وقعوا في ذنبٍ أعظم بقعودهم عن المشاركة في الحرب، ولهذا السبب فقد أخبر الله تعالى بعد تلك الواقعة بخمسين يومًا أنه عفا عنهم رحمة منه بهم، لكنَّ هذه الأيامَ الخمسين ما عاشوها إلا في عزلةٍ فريدة، امتنعَ النبيُّ فيها عن الكلامِ معهم، ومنعَ جميع الصحابة من تكليمهم؛ لأنهم لم يشاركوا في حملة جُهّزت في سبيل الله، وفي تلك الفترة أيضًا لم يكن المنافقون يشاركون في الحرب، ولذلك فإن من تخلَّفَ من المؤمنين فقد أدخل نفسَه ضمن هذه الفئة مؤقّتًا؛ فاتُّخذ ذلك الموقف تجاههم لأنهم دَنَّسوا فلكهم، فكانت المقاطعة الجماعيّة من قِبلِ المجتمع تعبيرًا عن تعظيم حقوق الله ومراعاتها.

وإلا فإنَّ اللين والرفق هما أساس أخلاق المؤمن، ومَنْ يتمثَّلون اللين والرفقَ في أقوالهم وتصرّفاتهم وسلوكياتهم يجذبون الناس إليهم، وإن كان ثمة إنسانٌ جديرٌ بقدرٍ معينٍ من التقدير والالتفات بالنظر إلى منزلته الاجتماعية فيلزم ألا يُبخَس حقَّه في نيل ما يستحق من الاهتمام، ولا ريب أن العلاقة التي تُؤسَّس مع الآخرين ستختلف من شخص إلى آخر، غير أنه لا بدَّ لكلِّ فردٍ أنْ يأخذ نصيبه من تقديركم وعنايتكم بحسب خصوصيَّة الطريق الذي يسير عليه، ولا بدَّ من إقامة العلاقات والتواصل مع الجميع بدءًا بالمؤمن الذي همّه أمته، ومرورًا بالمؤمنِ العادي، وانتهاءً بمن يتحرك في اتجاه مختلفٍ عنكم.

السبيلُ الوحيد لإقامة جسور المودة

لا بد من الوصول إلى كل الناس في المجتمع، وفتحِ الصدور للجميع باستخدام سبلٍ ومناهج مختلفة؛ فهذا هو المقصدُ الأصلي من “الحوار”، والسبيلُ إلى التواصل مع الناس يتأتَّى من اللطافةِ في التعامل واللينِ في السلوكِ حالًا وقالًا، ويستحيل عليكم التعبير عن أفكاركم بشكل كاملٍ وتامٍّ إنْ لم تحققوا ذلك، فإن كنتم ترغبون في أن يستفيد الناس مما تقولون استفادة تامةً أو جزئيّة؛ فيميلوا إليكم وينجذبوا لكم أو لا يكونوا ضدّكم ويتصدوا على الأقل لمن يتحركون ضدَّكم فعليكم أن تتحركوا بلين ورفق تجاههم فتُقيموا جسور الودّ واللينِ معهم، وتضمنوا بذلك أن يعرفوكم بشكل صحيح.

وإن كنتم تريدون إعلاء كلمة الله، وإيصال الرسالة المحمدية الجليلة إلى الجميع، وإبراز صورة الإسلام البهية ووجهه الطاهر النقيّ تصدّيًا لمحاولة البعض تشويهه، وإفراغَ العصارة الذكية المنسابة من جذوركم الروحية والمعنوية في صدور الآخرين؛ فعليكم أن تفتحوا صدوركم للجميع وتحتضنوهم دون تمييز بينهم على الإطلاق، بل وحتى عليكم -إذا لزم الأمر- أن تضعوا رؤوسكم تحت أقدام الآخرين كأحجار الرصيف كي تفرغوا مشاعركم وأحاسيسكم في أرواح الناس وتبثّوها فيها، ولا تظنّوا أنَّ هذا الأمر عظيم، بل إنّه ليسَ شيئًا يُذكر؛ لأن الأمرَ هنا مرتبطٌ برضوان الله وحقِّه، وبرضا مفخرة الإنسانية، وفيه مراعاةٌ لِخاطرِ مَنْ يعيشون الإسلامَ الدين المبين ويطبقونه ويحملون رسالته إلى كل أنحاء الدنيا.

وَعَوْدًا منَّا على ذِي بدءٍ نقول: إنَّ رسولنا صلى الله عليه وسلم أظهر بأقواله وأفعاله وتصرفاته وسلوكياته طيلة حياته أنه رحمة مجسمة تسير على الأرض؛ فكان هكذا حقًّا كما أشارت الآية الكريمة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (سُورَةُ الأَنْبِيَاءِ: 107/21) ويمكن مطالعة مظاهر هذه الرحمة ورؤيتها في عديد من فصول ولقطات حياته صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك على سبيل المثال أنَّه صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة قال لأولئك الذين ما تركوا شوكةً إلا ووضعوها في طريقه، ولا محاولةً إلا وبذلوها في سبيلِ إيذائِه، بل وأرادوا منعه من دخول مكة -قال لهم- مثلما قال يوسف عليه السلام لإخوته: ﴿لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (سُورَةُ يُوسُفَ: 92/12)، “اِذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ“، فأرانا بهذا القمَّةَ في اللين والصفح والرحمة والتسامح[2].

رحمةٌ مجسَّمة تسير على الأرض

لقد أصبح مردودُ هذا اللين والرفق الذي أبداه سيد الأنبياء رسولنا صلى الله عليه وسلم عظيمًا؛ إذ دخل الناس في الإسلام أفواجًا وجماعاتٍ كما ذُكر في سورة النصر، وإذا نظرنا إلى المسألة من زاوية تكرر الأحداث التاريخية في دوران دائمٍ يمكننا القول إنَّه: أيًّا كانت العوامل التي أثرت في دخول الناس الإسلام بالأمس فإنها ستظل تؤثر في اعتناقه اليوم وغدًا، وكما قال الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي: “لو أننا أظهرنا بأفعالنا وسلوكنا مكارمَ أخلاق الإسلام وكمالَ حقائق الإيمان، لدخلَ أتباعُ الأديان الأخرى في الإسلام جماعات وأفواجًا، بل لربما رضخت دول العالم وقاراته للإسلام”[3].

أجل، إنَّ تجسيدَ الرحمةِ على وجه “الأصالةِ” حاصلٌ برسولِنا صلى الله عليه وسلم، ولا قِبلَ لأحدٍ على الإطلاق أن يُزاحمه في هذا المقام، غير أنه ينبغي للأعين أنْ تطمحَ إلى هذا الأفق دائمًا؛ ولا بد من السعي إلى تحصيله على مستوى “الظليّة”، وحريٌّ بنا أنْ ندعوَ الله جلَّ وعلا أنْ يجعلنا رحماء مشفقين؛ إذ يُمثّلُ هذا في الوقت نفسه سببًا ووسيلةً مهمة لأن تنزل بنا رحمته سبحانه وتعالى، ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ، لَا يَرْحَمْهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ[4]، وقال في حديث آخر أيضًا: “الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ[5].

ومن هذه الناحية فإنَّه ينبغي لفدائيِّي المحبّة في عصرِنا أنْ يَتُوقُوا للوصول إلى أفق الرحمة المجسّدة، وأنْ يسيروا في سبيل إدراك هذا دائمًا، وأيًّا كانت النقطة التي ستحملهم إليها ملكاتُهم؛ فلسوف يُرافِقُون في الآخرةِ الإنسانَ الأُفُقَ في هذا الطريق الذي يسلكونه، وهو رسولُنا صلى الله عليه وسلم، وسيكونون في معيته ما داموا يسيرون في إثر هدفٍ كهذا.

 

 

[1] لمّا انصرف المشركون عن أحد وبلغوا “الرَّوحاء” ندموا على انصرافهم قبل أن يستأصلوا المسلمين وقالوا فيما بينهم: “لا محمدًا قتلتموه، ولا الكواعبَ أردفتم، وبئس ما صنعتم، ارجعوا!” فبلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فندب الناسَ وأمر بلالًا أن ينادي: “إن رسول الله يأمركم بطلب عدوكم، ولا يخرجنّ معنا إلا مَن شهد القتالَ بالأمس!” فخرجوا والجراحُ فيهم فاشيةٌ، فبعضهم خرج وهو يزحف، وبعضهم يحمل بعضًا، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مجروح، في وجهه أثر الحلقتين، ومشجوجٌ في جبهته في أصول الشعر، ورباعيته قد شظيت، وشفتُه قد كُلمت من باطنها، وهو متوهن منكبه الأيمن بضربة ابن قميئة، وركبتاه مجحوشتان، حتى بلغوا “حمراء الأسد” وبئرَ أبي عنبة، وقد انصرف أبو سفيان وأصحابُه خائفين وجلين، فبذلك حوَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الهزيمة المؤقتة التي تعرضوا لها إلى نصر عزيز. (انظر: الواقدي: المغازي، 334/1-336).

[2] انظر: البيهقي: السنن الكبرى، 199/9.

[3] انظر: بديع الزمان سعيد النورسي: صيقل الإسلام، الخطبة الشامية، ص 462.

[4] صحيح مسلم، الفضائل، 66؛ سنن الترمذي، البر، 16.

[5] سنن الترمذي، البر والصلة، 16؛ سنن أبي داود، الأدب، 66.